تعد قضايا الطفل واحدة من أبرز القضايا التي تستحوذ على اهتمام وسائل الإعلام المختلفة وبخاصة في مناطق النزاع كالأراضي الفلسطينية على سبيل المثال، لما تشكله من موضع جذب واهتمام كل من المشاهد والقارئ والمستمع، لاسيما إذا ارتبطت بحقوق الإنسان.
لكن في الوقت نفسه شكل انغماس بعض وسائل الإعلام في تغطية قضايا من هذا النوع، دون الاستناد إلى الثقافة القانونية السليمة، وامتلاك كافة معايير الحياد والمهنية في التعامل معها، جعلها منها "الخصمُ والحكمُ" في آن واحد، تجاه الأطفال الضحايا.
نحن لا ننفي عن وسائل الإعلام مختلفة قدرتها على التأثير في صناعة رأي عام فاعل حول قضايا الطفل أو خلق التأثير الإيجابي في حياتهم أو مساعدتهم عبر التركيز على الانتهاكات الممارسة بحقهم لاسيما إذا كانوا يعيشون في مناطق نزاع كقطاع غزة على وجه الخصوص.
لكننا وبعد اجراء مسح للمعالجة الإعلامية الحاصلة على الساحة الفلسطينية وبخاصة لقضايا الأطفال الذين وقعوا ضحايا للنزاع في القطاع والذين يشكلون أكثر من 70% مناصفةً مع النساء من عدد الضحايا الذي تجاوز أكثر من 41 ألفاً خلال عام كامل، نجد أنها انطوت على الكثير من الانتهاكات بحق هؤلاء الأطفال.
وهنا تتجسد حقيقة مفهوم "الخصم والحكم"، فبدلاً من أن تكون وسائل الإعلام أداة فاعلة في التأثير في حياة الأطفال نحو صناعة مستقبلٍ أفضل، أو تشكيل أداة ضغط لوقف الانتهاكات الحاصلة ضدها، أو خلق رأي عام داعم ومشجع لاستصدار قوانين تجنب الأطفال بوصفهم مدنيون، ويلات الحروب. نجد أن بعضها ونتيجة لانتهاجه فلسفة تجافي مدونات السلوك الأخلاقي والضوابط القانونية في المعالجة بقصد أو بدون قصد، قد تسببت في إحداث انتهاك بحق الضحايا من الأطفال.
واقعٌ استوجب منا في مختبر الإعلام أن نقدم هذه المبادئ التوجيهية للتعاطي الإعلامي مع قضايا الطفل، بما يضمن للصحفيين/ات والمؤسسات الإعلامية عموماً تغطية إعلامية لقضايا الأطفال توازن بين الموضوعية والحساسية، بحيث تحترم حقوقهم وتقدم المعايير العامة للتعاطي مع هذه الحقوق، سواء في التواصل مع الطفل أو أثناء المقابلات الإعلامية معه، أو اعداد التقارير المتعلقة به، أو عملية التوثيق بالصور والفيديو لحالته.