أين اختفى حارس البوابة؟

التاريخ: 2025-07-13 16:59:02

أين اختفى حارس البوابة؟

في عصر يتدفق فيه سيل من المعلومات بلا توقف، حيث تنتشر الأخبار الكاذبة والمضللة بسرعة البرق، يتساءل الكثيرون: أين اختفى "حارس البوابة" في وسائل الإعلام؟ ذلك الدور التقليدي الذي كان يتحقق من صحة الأخبار ويضمن مصداقيتها قبل نشرها، تحول اليوم إلى مجرد ذكرى في ظل سباق وسائل الإعلام خلف السبق الصحفي وجذب الانتباه، خاصة في ظل الصراعات السياسية والحروب التي تشهدها المنطقة.

سقوط حارس البوابة في فخ الأخبار المضللة:

في الماضي، كان الصحفيون والمحررون يلعبون دور "حراس البوابة" (Gatekeepers)، حيث كانوا يتحرون الدقة ويتحققون من المصادر قبل نشر أي خبر. لكن مع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية، أصبحت السرعة هي المعيار الأول، بينما تراجعت المصداقية.

في خضم الأزمات والصراعات، مثل الحروب في المنطقة العربية، نرى كيف تتهافت وسائل الإعلام – بل وحتى بعض المؤسسات الصحفية الكبرى – على نشر الأخبار دون تمحيص، سواءً كانت هذه الأخبار جزءًا من حملات تضليل مدروسة أو مجرد شائعات يتم تداولها دون تدقيق. النتيجة؟ انتشار الأخبار الزائفة، وتضليل الرأي العام، وتعميق الانقسامات المجتمعية.

كيف وقعت وسائل الإعلام في هذا الفخ؟

  • السبق الصحفي على حساب المصداقية: في ظل المنافسة الشرسة، أصبح الهدف هو نشر الخبر أولاً، وليس نشره بشكل صحيح.
  • الاعتماد على مصادر غير موثوقة: بعض الوسائل تعتمد على منشورات "مراسلين" مجهولين أو حسابات وهمية على وسائل التواصل دون التحقق من هوياتهم.
  • التأثر بالأجندات السياسية: بعض الوسائل تروج لأخبار كاذبة لخدمة مصالح جهات معينة، خاصة في ظل الصراعات الإقليمية.
  • غياب الرقابة الذاتية: تراجع دور المحررين والمراجعين في غرف الأخبار لصالح النشر السريع.

كيف نعيد الاعتبار لدور حارس البوابة؟

لحماية المجتمع من خطر التضليل الإعلامي، لا بد من إحياء دور "حارس البوابة" وتعزيز الصحافة المسؤولة. وهذا يتطلب:

  • العودة إلى أساسيات التحقق: يجب على الصحفيين والوسائل الإعلامية تطبيق معايير التحقق من المصادر، والاعتماد على الشهود الموثوقين، وعدم الاكتفاء بنقل الخبر من وسائل أخرى دون تدقيق.
  • التعاون مع منصات مكافحة التضليل: مثل مشاريع Fact-checking العالمية والمحلية التي تكشف الزيف وتصحح المعلومات.
  • تعزيز التربية الإعلامية: توعية الجمهور بكيفية تمييز الأخبار الكاذبة، وتشجيعه على عدم مشاركة المعلومات دون تأكيدها.
  • استخدام التكنولوجيا لصالح الحقيقة: بعض المؤسسات بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي للكشف عن الصور والفيديوهات المزيفة، مما يساعد في الحد من انتشار الأخبار المغلوطة.
  • إعادة الاعتبار لأخلاقيات المهنة: يجب أن تلتزم وسائل الإعلام بالمهنية والموضوعية، وأن تتحمل مسؤوليتها في نشر الحقائق فقط.

حان وقت الصحافة المسؤولة

في زمن تتلاعب فيه الأجندات السياسية والعسكرية بالعقول عبر الأخبار المزيفة، يجب أن يعود "حارس البوابة" إلى مكانه الطبيعي كحامٍ للحقيقة. ليست هذه مسؤولية الصحفيين وحدهم، بل هي مسؤولية الجمهور أيضًا، الذي يجب أن يكون أكثر وعيًا وحذرًا في تعامله مع الأخبار.

فإما أن نعيد بناء الثقة في الإعلام، أو نستسلم لفيضان التضليل الذي يهدد ليس فقط مصداقية الصحافة، بل أيضًا استقرار المجتمعات ككل. السؤال الآن: هل نستعيد حراس البوابة قبل فوات الأوان؟